الثانية: فائدة «لا» في قوله (وَلا الضَّالِّينَ)
قد يقال: ما الحاجة إلى تكرار النفي في قوله: (وَلا الضَّالِّينَ)؟ ألم يكن كافياً أن يقول: «غير المغضوب عليهم والضالين»؟وأجيب في توجيه ذلك بوجوه؛ منها:
الأول: إنّ «لا» مزيدة لتأكيد النفي المستفاد من لفظ «غير» على طريقة العرب في المعطوف على ما في حيّز النفي كقوله: (أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) (المائدة: 19).
الثاني: إنّما جيء بها لدفع توهّم أن يريد المتكلّم نفي المجموع بما هو مجموع، أي: صراط الذين أنعمت عليهم المنعوت بعدم كونهم مورد الغضب والضلالة، فيجوز ثبوت أحدهما. مع أنّ الآية تريد نفي كلّ واحد على انفراد،
صفحة 410
فمثلاً إذا قيل: ما جاء زيد ولا عمرو، فإنّه يفيد معنى لولاها لما أمكن استفادته من الجملة، بداهة أنه مع حذف «لا» يحتمل أن يكون المخبر عنه عدم مجيئهما معاً، وهو خلاف الفرض.وبهذا يتضح عدم تماميّة كونها زائدة كما ذكره بعض المفسّرين.