الرابعة: سبب تكرار «إيّاك» في الآية
- قد يُقال: إنّ السبب هو لتأكيد الحصر وتشديده في كلّ واحد من العبادة والاستعانة، وفيه أنّ التكرار إنّما يكون تأكيداً إذا لم يكن معمولاً لفعل ثانٍ، وإيّاك الثاني في الآية معمول لنستعين مفعول له، فكيف يكون تأكيداً؟- ولعلّ الوجه فيه أنّ التكرار إنّما هو للإشعار بأنّ حيثيّة تعلّق العبادة به تعالى غير حيثيّة تعلّق طلب الاستعانة منه سبحانه، ولو قال: إيّاك نعبد ونستعين، لتوهّم أنّ الحيثيّة واحدة، والشأن ليس كذلك؛ إذ لابدّ في طلب الإعانة من توسّط صفة، وليس كذلك في العبادة.
- ويمكن أن يكون سبب التكرار، لأجل دفع توهّم ما دأب عليه المشركون من التشبّث بالأصنام ، فيعبدونهم ويستمدّون منهم العون ،
فلابدّ حينئذ من تكرار الأسماء الخاصّة والأوصاف المخصوصة والضمائر
صفحة 328
حتّى يقع المطلوب الأصلي في القلب ويصير ملكة في الأرواح وركيزة في الأذهان.