Rss Feed

  1. الخامسة: سبب إتيان ضمير الجمع في «نعبد» و «نستعين»
    ذكرت نكات عديدة لتوجيه ذلك، منها:
    - إنّ العبوديّة صفة مشتركة في جميع ما سواه كما في قوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم: 93) فلا وجه للانفراد والاختصاص. ونظير ذلك ما ورد في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصّلت: 11) حيث جاء التعبير بلفظ الجمع دون أن تقولا: «أتينا طائعَين» ليطابق الجواب السؤال، فلعلّه للإشارة إلى أنّهما غير متميّزتين من سائر مخلوقاته تعالى المطيعة لأمره، فأجابتا عن لسان الجميع.
    - أو لأجل التشرّف بضمّ عبادته إلى عبادة غيره من الصالحين، واستعطافاً بذكرهم مع نفسه، واحترازاً عن الدعوى الكاذبة بطريق تغليب عبادات المخلصين على عبادته في دعوى الإخلاص، فيكون صادقاً في تلك الدعوى، لأجل صدقهم.
    فكأنّ العابد أراد أن يحتال لقبول عبادته ويتوسّل إلى نجاح حاجته، فأدرج عبادته الناقصة في عبادة غيره من الأولياء والمقرّبين، وعرض الجميع على حضرة ذي الجود والإفضال.
    - أو لعلّه لأجل التحريض إلى حفظ وحدة المجتمع الذين يعبدونه تعالى ويستعينون به، فكما أنّهم مجتمعون في وحدة المعبود والعبادة والمستعان به، لابدّ أن يكونوا كذلك في جميع شؤونهم ـ كما دلّت عليه آيات كثيرة.

فهرس الكتاب