Rss Feed

  1. البحث الثالث: مصاديق الصراط المستقيم
    أشارت النصوص ـ بنحو عامّ ـ لمصاديق الصراط المستقيم وهي:
    أمّا على المستوى النظري: فهو كما أشار القرآن إلى ذلك بقوله: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) (الأنعام: 161)، حيث فسّر الصراط المستقيم بالدين، ووصف الدين بكونه «قيماً» وهو مخفّف القيام، والمعنى: إنّ الصراط المستقيم هو دين قائم على مصالح العباد والبلاد، وصلاحهم في الدنيا والآخرة أحسن قيام. وهذا ما أكّدته نصوص روائية عديدة؛ منها:
    - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) دين الله

    صفحة 372
    الذي نزّل جبرئيل على محمد» (1).
    - عن أمير المؤمنين عليه السلام: «.... الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلّو وارتفع عن التقصير فلم يعدل إلى شيء من الباطل...» (2).
    - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: «( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) استرشاد لدينه واعتصام بحبله واستزادة في المعرفة له به عزّ وجلّ ولعظمته وكبريائه» (3).
    وأمّا على مستوى التجسيد العملي: فإنّ القرآن وإن أبان خصائص الصراط المستقيم نظرياً، إلاَّ أنّ النصوص الروائية لم تكتف بذلك، بل جسّدته عملياً كنموذج حيّ يمشي على الأرض، فحينما نعود إلى الروايات الواردة في ظلال هذه الآية المباركة نجد أنّها تشير إلى أنّ المقصود هو علي بن أبي طالب عليه السلام، فهو بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المصداق الأتمّ الذي يجسّد الصراط المستقيم ويحوّله إلى حقيقة متحرّكة على الأرض.
    - عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ يوم الغدير ـ أنّه قال: «معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثمّ عليّ من بعدي، ثمّ وُلدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون» (4).
    - في معاني الأخبار بإسناده إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال: «هو أمير المؤمنين ومعرفته» (5).
    ــــــــــ
    (1) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: تاريخ أمير المؤمنين، الباب 39، الحديث 71، ج36، ص128.
    (2) معاني الأخبار: ص33.
    (3) نور الثقلين، مصدر سابق: ج1، ص20.
    (4) بحار الأنوار: تاريخ أمير المؤمنين، الباب 52، ج37، ص212.
    (5) تفسير العيّاشي: ح98: ج1، ص106.


    صفحة 373
    - وفي تفسير علي بن إبراهيم، بإسناده إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «والله نحن الصراط المستقيم» (1).وهذه الأخبار ـ ونظائرها كثير ـ هي من قبيل الجري وبيان المصداق الأتمّ للآية، وعليه فلا حاجة لأن تحمل أمثال هذه النصوص على المجاز والكناية ونحوها من تفنّنات البيان، لما مرّ أنّ هذه المعاني ذوات مراتب بحسب المصداق، أمّا نفس المعنى فصدقه على الجميع واحد، وإنّما الاختلاف بحسب خصوصيات المصاديق ـ كما عرفت ـ في المقدمات.
    ــــــــــ
    (1) نور الثقلين: سورة الحمد، الحديث 97، ج1، ص22.

فهرس الكتاب