Rss Feed


  1. الخامسة: أنواع العبوديّة
    العبوديّة على ثلاثة أنواع:
    النوع الأوّل: عبدٌ بحكم الشرع، وهو الإنسان الذي يصحّ بيعه وابتياعه، كما ورد في قوله: (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) (البقرة: 178) وقوله: (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) (النحل: 75).
    ــــــــــ
    (1) مرآة العقول، مصدر سابق: ج8 ص86 ، ومثله المولى المازندراني في شرحه الجامع لأصول الكافي والروضة، منشورات المكتبة الإسلاميّة: ج8 ص251.

    صفحة 340
    النوع الثاني: العبوديّة التكوينيّة وهي عبوديّة خارجة عن الاختيار، وعامّة لكلّ المخلوقات وغير مختصّة بأحد دون آخر، كما في الرحمة العامّة الشاملة لكلّ شيء؛ قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (الأعراف: 156).
    ومن الواضح أنّ هذه العبوديّة من لوازم الإيجاد والخلقة، ولا تقبل الجعل والاتّخاذ، فمثلاً كون الإنسان مملوك الوجود لربّه مخلوقاً مصنوعاً له، سواء جرى في حياته على ما تستدعيه مملوكيّته الذاتيّة واستسلم لربوبيّة ربّه العزيز أو لم يجر على ذلك، وهذا هو المقصود بقوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم: 93).
    النوع الثالث: العبوديّة الاختياريّة، وهي التي امتاز بها بعض المخلوقين بمحض إرادتهم بالقرب إلى الله تعالى.
    بيان ذلك: إنّ الإنسان مثلاً وإن كان مملوك الوجود لربّه مخلوقاً مصنوعاً له، لكن قد يقوم بأدب المملوكيّة والعبوديّة لله تعالى وقد لا يقوم بذلك. فإذا قام بأدب العبوديّة والمملوكيّة وأسلم وجهه لربّه وأعطاه تدبير نفسه، فهذه هي العبوديّة الخاصّة الاختياريّة، وإليها الإشارة في آيات كثيرة؛ قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً) (الفرقان: 63) وقوله: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) (الحجر: 42).
    وبهذا يتّضح أنّ جميع المخلوقات وإن كانت مملوكة له تعالى ولها عبوديّة عامّة تكوينيّة، لكن البعض منها قام بأدب العبوديّة، فعبد الله إمّا خوفاً أو طمعاً أو لأنّه أهلٌ للعبادة ـ كما عرفت ـ وهي التي أُشير إليها في حديث زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: «إنّ الله تبارك وتعالى اتّخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتّخذه نبيّاً...» (1)، فهذه العبوديّة ليست هي
    ــــــــــ
    (1) الأصول من الكافي: كتاب الحجّة، باب طبقات الأنبياء و...، الحديث 2، ج1 ص175.
    صفحة 341
    العبوديّة التكوينيّة الخارجة عن الاختيار، وإنّما هي عبوديّة اختياريّة يتقرّب بها الإنسان إلى الله تعالى، إلى أن يختاره ويتّخذه عبداً له.

فهرس الكتاب