الهداية الفطريّة
سمّى القرآن الهداية التكوينيّة العامّة في الإنسان بالهداية الفطريّة، حيث قال: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (الروم: 30)، فالإنسان كسائر الأنواع المخلوقة مفطور بفطرة تهديه إلى تتميم نواقصه ورفع حوائجه، وتهتف له بما ينفعه وما يضرّه في حياته. ولا تختصّ الهداية الفطريّة بالأمور التكوينيّة فقط، وإنّما تشملصفحة 354
ما زُوّد به خلقة الإنسان من التمييز بين الفجور والتقوى؛ قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس: 7 ـ 8) حيث فرّع الإلهام على التسوية في قوله: (وَمَا سَوَّاهَا) للإشارة إلى أنّ إلهام الفجور والتقوى ـ وهو العقل العملي ـ من تكميل تسوية النفس، فهو من نعوت خلقتها، ومعنى ذلك أنّه تعالى عرّف الإنسان كون ما يأتي به من فعل فجوراً أو تقوى.