مفردات الآية
تشتمل هذه الآية على عدّة مفردات:وفي هذه الجملة أبحاث متعدّدة:
قال ابن فارس: «الحاء والميم والدال: كلمة واحدة وأصل واحد يدلّ على خلاف الذمّ، يقال: حمدتُ فلاناً أحمده، ورجلٌ محمود ومحمّد، إذا كثرت خصاله المحمودة غير المذمومة، ولهذا الذي ذكرنا سمّي نبيّنا محمّداً صلّى الله عليه وآله. ويقول العرب: حُماداك أن تفعل كذا، أي غايتك وفعلك المحمود منك غير المذموم، ويقال: أحمدتُ فلاناً إذا وجدته محموداً، كما يقال: أبخلتُه إذا وجدته بخيلاً، وأعجزته إذا وجدته عاجزاً. وهذا قياس مطّرد في سائر الصفات» (2).
أمّا تعريفه فقد قيل فيه: «الحمد هو النعت بالجميل على الجميل، اختياراً كان أو مبتدئاً له على وجه يُشعر ذلك بتوجيهه إلى المنعوت». والمنعوت عليه سواء كان من الفضائل أي الصفات الكماليّة لصاحبها، أو الفواضل وهي ما
ــــــــــ
(1) الأصول من الكافي: كتاب الدعاء، باب التحميد والتمجيد، الحديث 7، ج2ص504.
(2) معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسين بن فارس، المتوفّى 395، تحقيق وضبط: عبد السلام محمّد هارون، مكتب الإعلام الإسلامي، إيران، 1404هـ: باب الحاء والميم وما يثلّثهما، ج2 ص100.
صفحة 244
يتعدّى أثره من الفضل إلى غير صاحب الفضل، بقول كان النعت والثناء أو فعل أو قلب على جهة التعظيم.وهذا التعريف أجمع من التعريف المشهور في كلمات المفسِّرين «وهو الثناء باللِّسان على الجميل الاختياري» لدخول صفات الكمال في التعريف الأوّل وخروجها عن الثاني، سواء كانت عين الذات كما في الله عزّ وجلّ أو مغايرة مع الذات كما في غيره. وبتعبير آخر: إنّه على الثاني يكون مختصّاً بالفواضل ولا يشمل الفضائل، بخلافه على الأوّل فإنّه يشملها أيضاً .
ولو سلّمنا ما ذكره بعض من أنّ الحمد مختصّ بالفواضل لا الفضائل، ففي حقّه تعالى يصحّ الحمد بالنسبة إلى جميع صفاته، لأنّ صفاته ـ تقدّست أسماؤه ـ عين ذاته، وفضائله عين فواضله، وكلّها ترجع إلى أصل واحد ومصداق فارد، مع أنّ ذاته عين الاختيار وكلّه الاختيار، وجميع فضائله الوجوديّة وكمالاته الإلهيّة مترشّحة منه إلى ما دونه من جهة سراية فيضه
- الذي هو صورة ذاته وكمالات ذاته في كلّ الأشياء وتمام الهويّات - .