أسماء سورة الحمد
قال السيوطي في الإتقان: «قد يكون للسورة اسمٌ واحد وهو كثير، وقد يكون لها اسمان فأكثر، من ذلك «الفاتحة» وقد وقفت لها على نيّف وعشرين اسماً، وذلك يدلّ على شرفها، فإنّ كثرة الأسماء دالّة على شرف المسمّى» (2).وليس ذلك بغريب؛ لما تقدّم من اشتمال هذه السورة على معارف وحقائق جمّة. وقد أُشير إلى بعض هذه الأسماء في الكتاب العزيز والروايات الواردة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام وبعضها مستنبطة من مضامينها والآثار المترتّبة عليها.
- السبع المثاني: عن يونس بن عبد الرحمن عمّن رفعه قال: «سألت الإمام الصادق عليه السلام: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر: 87) فقال: هي سورة الحمد وهي سبع آيات، منها (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، وإنّما سُمّيت المثاني لأنّها تثنّى في الركعتين» (3).
وقال في الإتقان: «ورد تسميتها بذلك في أحاديث كثيرة. أمّا تسميتها
ــــــــــ
(1) تفسير القرآن الكريم، صدر المتألّهين الشيرازي، حقّقه وضبطه وعلّق عليه الشيخ محمّد جعفر شمس الدِّين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1998م: ج1 ص218.
(2) الإتقان في علوم القرآن، مصدر سابق: ج1 ص187.
(3) تفسير العيّاشي، مصدر سابق ج1 ص99، ح3.
صفحة 173
سبعاً فلأنّها سبع آيات، أخرج الدارقطني ذلك عن عليّ... وأمّا المثاني، فيحتمل أن يكون مشتقّاً من الثناء لما فيها من الثناء على الله تعالى، ويحتمل أن يكون من الثنيا لأنّ الله استثناها لهذه الأمّة، ويحتمل أن يكون من التثنية، قيل: لأنّها تثنّى في كلّ ركعة، ويقوّيه ما أخرجه ابن جرير بسند حسن عن عمر قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب، تثنّى في كلّ ركعة» (1).- فاتحة الكتاب: أخرج الطبري عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «هي أمّ القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني، وسُمّيت فاتحة الكتاب لأنّها يفتتح بكتابتها المصاحف ويقرأ بها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتابة والقراءة» (2).
وهناك روايات عديدة من طرق الفريقين تسمّيها بهذا الاسم.
- منها: قال صلى الله عليه وآله: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» (3).
- ومنها: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (4).
- أُمّ الكتاب وأُمّ القرآن: قال السيوطي: «قد ثبت في الأحاديث الصحيحة تسميتها بذلك، فأخرج الدارقطني وصحّحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً: «إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إنّها أمّ القرآن
ــــــــــ
(1) الإتقان في علوم القرآن، مصدر سابق: ج1 ص189.
(2) تفسير الطبري، مصدر سابق: ج1 ص74.
(3) عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينيّة، للشيخ المحقّق المتتبّع محمّد بن علي بن إبراهيم الإحسائي المعروف بابن أبي جمهور، قدّم له سماحة آية الله شهاب الدِّين النجفي المرعشي، تحقيق: البحّاثة المتتبّع الحاج آقا يحيى العراقي: ج1 ص196.
(4) صحيح البخاري، للعلاّمة أبي عبدالله محمّد بن إسماعيل البخاري، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان: ج1 ص138، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلّها.
صفحة 174
وأمّ الكتاب والسبع المثاني» (1).وقد أشارت بعض الروايات المتقدّمة إلى ذلك.
نعم، وقع الاختلاف في سبب التسمية. قال الطبرسي في مجمع البيان: «سُمّيت بذلك لأنّها متقدّمة على سائر سور القرآن، والعرب تسمّي كلّ جامع أمر أو متقدّم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه «أمّاً» فيقولون «أمّ الرأس» للجلدة التي تجمع الدماغ، و«أمّ القرى» لأنّ الأرض دُحيت من تحت مكّة فصارت لجميعها أمّاً، وقيل سمّيت بذلك لأنّها أصل القرآن، والأمّ هي الأصل، وإنّما صارت أصل القرآن لأنّ الله تعالى أودعها مجموع ما في السور، لأنّ فيها إثبات الربوبيّة والعبوديّة وهذا هو المقصود بالقرآن» (2). لذا نقل عن ابن عبّاس؛ قال: «إنّ لكلّ شيء أساساً، وأساس القرآن الفاتحة» (3).
- الحمد: وهو من الأسماء المشهورة لها، وإنّما سُمّيت بذلك لورود الحمد لله تعالى في أوّلها.
- عن محمّد بن سنان عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه الصادق عليه السلام قال: «قال لأبي حنيفة: ما سورة أوّلها تحميد وأوسطها إخلاص وآخرها دعاء؟ فبقي متحيّراً ثمّ قال: لا أدري، فقال الصادق عليه السلام: السورة التي أوّلها تحميد وأوسطها إخلاص وآخرها دعاء سورة الحمد» (4).
ــــــــــ
(1) الإتقان في علوم القرآن، مصدر سابق: ج1 ص188.
(2) مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت ـ لبنان: ج1 ص35.
(3) نقلاً عن الأمثل في تفسير كتاب الله المُنزل، العلاّمة الفقيه المفسّر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1423هـ، طبعة جديدة منقّحة مع إضافات ملوّنة: ج1 ص18.
(4) تفسير العيّاشي، مصدر سابق: ج1 ص99.
صفحة 175
هذه هي الأسماء المشهورة لها، وهناك أسماء أُخر غير مشهورة كالوافية والكافية والشافية والمناجاة والتفويض وغيرها، يمكن الرجوع فيها إلى المفصّلات (1).