Rss Feed

  1. البحث الأوّل: الاستعانة لغةً
    قال الراغب: «العونُ: المعاونة والمُظاهرة، يُقال: فلان عوني أي معيني، وقد أعنته، والتعاون: التظاهر؛ قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) والاستعانة: طلبُ العون» (1).
    وجاء في لسان العرب: «العون: الظهير على الأمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنّث فيه سواء. وتعاونوا عليّ واعتَونوا: أعان بعضهم بعضاً» (2).
    والحاصل أنّ الإعانة والعون هو: تسهيل فعل شيء يشقّ ويعسر على المستعين وحده، فهو يحصل بإعداد طريق تحصيله من إعارة آلة أو مشاركة بعمل البدن كالحمل، أو بقول كالإرشاد والتعليم، أو برأي كالنصيحة، أو بمال كدفع المغرم.
    وذكر بعضهم أنّ الاستعانة تتعدّى بالباء فيُقال: استعان به، وقد تتعدّى بنفسها فيُقال: استعانه. إلاّ أنّه قد يقال: إنّ الاستعانة لا تتعدّى بنفسها، وإذا رأينا أنّها متعدية بنفسها، إنّما هو بالنظر إلى جواز حذف حرف التعدية، كما في قوله تعالى: (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ) (يوسف: 16)، فقوله: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) في قوّة: «نستعين منك» أو «بك أستعين»، فيكون حرف الجرّ محذوفاً، ويشهد لذلك قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة: 45)، وقوله: (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 153)، وقوله: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (الأعراف: 128).
    ــــــــــ
    (1) المفردات في غريب القرآن: مادّة «عون»، ص354.
    (2) لسان العرب: مادّة «عون»، ج9 ص484.


    صفحة 318
    والأصل في «نستعين» نستعْوِن، لأنّه من العون والمعونة، فقلبت الواو ياءً لثقل الكسرة عليها، فنقلت كسرتها إلى العين قبلها، فتصير الياء ساكنة، لأنّه من الإعلال الذي يتبع بعضه بعضاً.

فهرس الكتاب